قصة يوسف كانت آية السائلين ومنهاج المتقين لمن أراد أن يعمل لخير الناس جميعا { إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَِصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } (يوسف :90)
فتقوى الله عاصم لا يخرج الأشياء عن صراطها المستقيم , والصبر آية لاستنفاذ ظلمة الأيام ودوائرها , ودرب قويم لمن أراد السير عليه كما سارت عليه حركات الإصلاح التي شهدها التاريخ الإسلامي , امتدادا من الحسن البصري إلى محمد بن عبدالوهاب إلى الأفغاني ومحمد عبده .
ومن يستقرأ تلك الحركات الإصلاحية والتي اقتدت بسيرة أنبياء الله ورسله عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم لأدرك صدق منهج النجاة الذي أمر به الله عزوجل بسم الله الرحمن الرحيم : { وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } (سورة العصر).
فأول ما نادت به (حركات الاصلاح) هوالعودة إلى جوهر الإيمان وتطهره من شرك الأصنام الكافرة والأوثان المتفرقة فحررت الأنفس المسلمة من عبودية الخلق إلى عبادة الحق , ودعت بعد ذلك إلى صدق العمل الصالح وصفاءه ساعية بكل جهد إلى "إعادة التوازن الذاتي في محاربة البدع .., والدعوة إلى التجديد والتحديث في كل مجال الفكر والسياسة والاجتماع..." (1)
فالحركة الوهابية (نسبة إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب ) (1703 ـ 1791م) التي قامت في قلب الجزيرة العربية دعوة ذات مضمون ديني خالص .. قادت الى توحيد العقيدة والجزيرة تحت راية "لا إله إلا الله " "حين أبصر الشيخ ابن عبدالوهاب دور الدولة والسلطة في وضع الدعوات موضع الممارسة والتطبيق ووعى جيدا الحكمة التي تقول :إن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقران فغادر بلدته "حريملا" ينشد مساعدة الأمراء والحكام فطرق باب أمير "العيينة" ثم "الدرعية " حيث لقي أميرها محمد بن سعود ( 1179ه _ 1765 م) الذي استجاب لدعوته ورحب به .. ولتتحول الدرعية شيئا فشيئا إلى أكبر مركز ديني وسياسي في نجد ..تعمل على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وتحقيق الأمن والاستقرار " (2)
وتذكر المصادر إن الشيخ محمد رحمه الله كان محور همة ونشاط ..فهو الذي يجهز الجيوش ويبعث السرايا ويكاتب أهل البلاد الأخرى داعيا وواعظا ومنذرا ويستقبل الوفود والضيوف بل ويشرف كذلك على بيت المال وينظم مصارف المغانم والزكاة "(3) ليكتب الله بعد حين نصره وتأييده للشيخ محمد وللأمير بن سعود فأقاما بعد جهاد دولة أولى وثانية وثالثة ثم مملكة شهد لها القاصي والداني بالرقي والتقدم كان" من أعظم انجازاتها سعيها للتحديث وتذويب الفوارق التقليدية بين الريف والمدن يتمثل في التحول الاقتصادي والاجتماعي الذي حققه المشروع الوطني الكبير لتوطين البدو.. إذ ابتكر الملك عبدالعزيز آل سعود الهجر نمطاً جديداً للتجمعات السكانية، يحمل البدو على إلقاء عصا الترحال، .. وتعليمهم الزراعة وإقامتهم في مناطق زراعية، وهذا يتضمن تغييراً لنمط العمل الإنتاجي من الرعي إلى الزراعة، وهذا يعني التحول من الارتحال إلى الاستقرار ، وهذا التغير في نمط الحياة يعمل على إكساب البدوي الذي يطبق عليه برنامج التوطين عادات وطبائع وأخلاقاً جديدة تحول فرديته إلى مواطنة، وتغير ولاءه من القبيلة إلى ولاء الوطن، وقد تضمن هذا البرنامج التثقيف الديني وإتاحة الفرصة لممارسة فروضه ودراسة تعاليمه السمحة وروح الأخلاق الحميدة، ؛ إذ جاء لفظ "الهجر" من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من موطنه الأصلي في مكة إلى المدينة المنورة بعد ثلاثة عشر عاما من الرسالة ؛ ليدل على أن الذين يتركون البادية وحياتها غير المستقرة ليقيموا في الهجر إنما يحذون حذو النبي صلى الله عليه وسلم .(4)
المصادر:
(1) الجابري ,عابد ,السلفية أم التجربة التاريخية للأمة, صحيفة الاتحاد الإماراتية، http://www.islamonline.net/ (تم الاطلاع عليه يناير 2008)
(2) عمارة , د.محمد ,العرب والتحدي ,دار قتيبة ,دمشق ,طبعة ثانية 1987,ص148
(3) عمارة , د.محمد ,العرب والتحدي ,دار قتيبة ,دمشق ,طبعة ثانية 1987,ص148
(4) من بحوث موقع دارة الملك عبدالعزيز , http://www.darah.org.sa/bohos/Data/12/8-1.htm (تم الاطلاع مارس 2008)
فتقوى الله عاصم لا يخرج الأشياء عن صراطها المستقيم , والصبر آية لاستنفاذ ظلمة الأيام ودوائرها , ودرب قويم لمن أراد السير عليه كما سارت عليه حركات الإصلاح التي شهدها التاريخ الإسلامي , امتدادا من الحسن البصري إلى محمد بن عبدالوهاب إلى الأفغاني ومحمد عبده .
ومن يستقرأ تلك الحركات الإصلاحية والتي اقتدت بسيرة أنبياء الله ورسله عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم لأدرك صدق منهج النجاة الذي أمر به الله عزوجل بسم الله الرحمن الرحيم : { وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } (سورة العصر).
فأول ما نادت به (حركات الاصلاح) هوالعودة إلى جوهر الإيمان وتطهره من شرك الأصنام الكافرة والأوثان المتفرقة فحررت الأنفس المسلمة من عبودية الخلق إلى عبادة الحق , ودعت بعد ذلك إلى صدق العمل الصالح وصفاءه ساعية بكل جهد إلى "إعادة التوازن الذاتي في محاربة البدع .., والدعوة إلى التجديد والتحديث في كل مجال الفكر والسياسة والاجتماع..." (1)
فالحركة الوهابية (نسبة إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب ) (1703 ـ 1791م) التي قامت في قلب الجزيرة العربية دعوة ذات مضمون ديني خالص .. قادت الى توحيد العقيدة والجزيرة تحت راية "لا إله إلا الله " "حين أبصر الشيخ ابن عبدالوهاب دور الدولة والسلطة في وضع الدعوات موضع الممارسة والتطبيق ووعى جيدا الحكمة التي تقول :إن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقران فغادر بلدته "حريملا" ينشد مساعدة الأمراء والحكام فطرق باب أمير "العيينة" ثم "الدرعية " حيث لقي أميرها محمد بن سعود ( 1179ه _ 1765 م) الذي استجاب لدعوته ورحب به .. ولتتحول الدرعية شيئا فشيئا إلى أكبر مركز ديني وسياسي في نجد ..تعمل على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وتحقيق الأمن والاستقرار " (2)
وتذكر المصادر إن الشيخ محمد رحمه الله كان محور همة ونشاط ..فهو الذي يجهز الجيوش ويبعث السرايا ويكاتب أهل البلاد الأخرى داعيا وواعظا ومنذرا ويستقبل الوفود والضيوف بل ويشرف كذلك على بيت المال وينظم مصارف المغانم والزكاة "(3) ليكتب الله بعد حين نصره وتأييده للشيخ محمد وللأمير بن سعود فأقاما بعد جهاد دولة أولى وثانية وثالثة ثم مملكة شهد لها القاصي والداني بالرقي والتقدم كان" من أعظم انجازاتها سعيها للتحديث وتذويب الفوارق التقليدية بين الريف والمدن يتمثل في التحول الاقتصادي والاجتماعي الذي حققه المشروع الوطني الكبير لتوطين البدو.. إذ ابتكر الملك عبدالعزيز آل سعود الهجر نمطاً جديداً للتجمعات السكانية، يحمل البدو على إلقاء عصا الترحال، .. وتعليمهم الزراعة وإقامتهم في مناطق زراعية، وهذا يتضمن تغييراً لنمط العمل الإنتاجي من الرعي إلى الزراعة، وهذا يعني التحول من الارتحال إلى الاستقرار ، وهذا التغير في نمط الحياة يعمل على إكساب البدوي الذي يطبق عليه برنامج التوطين عادات وطبائع وأخلاقاً جديدة تحول فرديته إلى مواطنة، وتغير ولاءه من القبيلة إلى ولاء الوطن، وقد تضمن هذا البرنامج التثقيف الديني وإتاحة الفرصة لممارسة فروضه ودراسة تعاليمه السمحة وروح الأخلاق الحميدة، ؛ إذ جاء لفظ "الهجر" من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من موطنه الأصلي في مكة إلى المدينة المنورة بعد ثلاثة عشر عاما من الرسالة ؛ ليدل على أن الذين يتركون البادية وحياتها غير المستقرة ليقيموا في الهجر إنما يحذون حذو النبي صلى الله عليه وسلم .(4)
المصادر:
(1) الجابري ,عابد ,السلفية أم التجربة التاريخية للأمة, صحيفة الاتحاد الإماراتية، http://www.islamonline.net/ (تم الاطلاع عليه يناير 2008)
(2) عمارة , د.محمد ,العرب والتحدي ,دار قتيبة ,دمشق ,طبعة ثانية 1987,ص148
(3) عمارة , د.محمد ,العرب والتحدي ,دار قتيبة ,دمشق ,طبعة ثانية 1987,ص148
(4) من بحوث موقع دارة الملك عبدالعزيز , http://www.darah.org.sa/bohos/Data/12/8-1.htm (تم الاطلاع مارس 2008)
0 comment(s) to... “دارفور ..بين البداوة الجاهلة والحضارة السارقة _الحلقة 10 _”
0 التعليقات:
إرسال تعليق