دارفور ..بين البداوة الجاهلة والحضارة السارقة _الحلقة 11 _

Posted 12:40 ص by ali-aljassim in


هيأ الملك عبدالعزيز آل سعود " المناخ الزراعي الملائم والاستكثار من حفر آبار المياه وتوفير الآلات الضرورية للحرث والزراعة كما خصص لكل هجرة ما يلائمها من قوت ومساعدة حالة التعرض للآفات والكوارث الطبيعية ، كما أبقى لزعماء القبائل وذوي النفوذ مهامهم القيادية وما كانوا عليه من علو في المنزلة وبسطة في الجاه والنفوذ ...فاختط - رحمه الله - أول هجرة استيطان في قلب التجمع القبلي ما بين شمر الجبل وبدو القصيم وبدو الأحساء وعلى الطريق المؤدية إلى الكويت فأسس هجرة الأرطاوية عام 1330 هـ ..ثم توالى تأسيس الهجر حتى بلغت مائة وثنتين وخمسين هجرة لمختلف بطون القبائل واستطاع الملك عبد العزيز من خلالها أن يغرس في نفوسهم العقيدة الإسلامية وأن يقضي على النزعة القبلية عندهم وأن يتصلوا ببعضهم بروابط الأخوة الإسلامية بعد أن بعث لهم العلماء والمرشدين يعلمونهم القراءة والكتابة ابتداء من حروف الهجاء ، حتى إن الإنسان إذا مر برجال تلك الهجر يسمع لهم دويا كدوي النحل " (1)
يقول أمين الريحاني مبينا نماذج من نماذج الدعوة التي نهجها الملك عبد العزيز : " باشر ابن سعود إصلاحه الكبير بالوسائل الدينية فكان يرسل المطاوعة إلى البادية ليعلموا أهلها دين التوحيد والفرائض ويزينوا لهم هجر ما هم فيه إلى ما دعاهم إليه من إيمان يستشعرونه ، وبيت يأوون إليه وأرض يحرثونها " . ( 2)
" فارتبطت تنمية البادية بتطور المدن ونمو الحضر في المملكة العربية السعودية، وكذلك تطور النظام السياسي والإداري للدولة ثم حركة التصنيع في المملكة وغير ذلك من الظروف التي أدت جميعها إلى جذب البدو من جوف البادية، ودعاهم إلى المعيشة في المدن، فاشتغل بعضهم في قطاع الصناعة أو البترول أو الخدمات ، وتعلم الأبناء في معاهد التعليم الحكومية المجانية المنتشرة في كل أنحاء المملكة، فارتبطت حياتهم بحياة آبائهم بالمدينة، والنتيجـة أننا هنا إزاء تغيرات جذرية أصابت حياة قطاع لا يستهان به من البدو تركوا حياة الارتحال، وسكنوا المدن ، واتخذوا صنائع أهل الحضر، وارتفع مستواهم الصحي والتعليمي والثقافي والمعيشي، .. وقد أشارت أحدث التقارير والدراسات الإحصائية أن نسبة البدو الرحل وشبه الرحل لا تتجاوز اليوم 10% من سكان المملكة، بعد أن كان إحصاء عام 1965 يقدر عددهم بنحو 50% من سكان المملكة العربية السعودية أي قرابة 3.5– 4 مليون نسمة". (3)
فتعزز مؤشر الاتجاه العام الحضري في المملكة الذي ابتداه الملك عبد العزيز وأولاده من بعده الذين تولوا قيادة الحكم فاهتموا بتطوير الزراعة والتنقيب عن المياه فقد تعدد مشروعات التنمية الزراعية منذ عهود الاكتشافات النفطية وتحولت الصحراء المجدبة بفضل الله إلى حقول خضراء تزرع ما أنعم الله على عباده من خيرات الأرض فتنتج المملكة وبإرادة مخلصة قمحا وفيرا تستهلك ما تيسر وتصدر ما تبقى مما أثار استغراب الكاتب الفرنسي "بنوا ميشان" بقوله : أو ليس من الغرابة تأسيس قوة وأمن بلد ما على الزراعة في حين أن هذا البلد صحراوي في معظم مساحته، ليس من نهر يرويه ، ولا يتلقى سوى سبعـــة سنتمــــترات من المطــــر في العــــام " , كما أثار حفيظة الوزير الأمريكي هنري كيسنجر حين زار المملكة العربية السعودية سنة 1975 حين تساءل منزعجا بقوله: " لماذا تزرعون القمح؟ نحن نستطيع أن نورد لكم القمح إلى ميناء جدة بسعر أرخص بكثير من تكلفة إنتاج الكيلو الواحد في السعودية،..وقيل له حينها: إن هناك توجها لدى الملك فيصل بن عبد العزيز وحكومته لتحقيق شيء من الاكتفاء الذاتي الغذائي في الجزيرة العربية، وأن هناك قابلية للزراعة، وأن المملكة تريد استثمار هذه القابلية سواءً في أراضيها أو في غيرها من أرجاء الجزيرة العربية. انزعج الأمريكان من هذا الكلام، وعقد كيسنجر مؤتمره الصحفي الشهير في مطار الرياض، وقال فيه كلاماً ساخنا مفاده: "افعلوا ما شئتم في الجزيرة العربية، وستكتشفون في المستقبل أنكم لن تستطيعوا شرب النفط"، (4) فالرجل لم يتغير طعمه ولا لونه فهو كما يعرف بعراب السياسة الأمريكية الحديثة قدم يوما دون خجل مع صاحبه برنت سكوكروفت مستشار الأمن القومي لرئيس الولايات المتحدة مذكرة عن قرار 314 لمجلس الأمن القومي حول ما يتضمنه مخاطر النمو السكاني العالمي فدعا ما يعرف بوثيقة الأمن القومي NSSM 200 الى إجراءات نشطة لإجبار البلاد المتخلفة على قبول تحديد النسل ، وبالأساس حرمانها من الغذاء . (5)
المصادر :
(1) من بحوث موقع دارة الملك عبدالعزيز ,
http://www.darah.org.sa/bohos/Data/12/8-1.htm (تم الاطلاع مارس 2008)
(2) الريحاني : أمين ، تاريخ نجد الحديث ، ص 261 .
(3) من بحوث موقع دارة الملك عبدالعزيز ,
http://www.darah.org.sa/bohos/Data/12/8-1.htm (تم الاطلاع مارس 2008)
(4) الغرباوي , ياسر ,معركة الخبز والزيت ,قناة الجزيرة , 10/10/2007 م,
http://www.aljazeera.net (تم الاطلاع مارس 2008)
(5) ندوة التنمية الإنسانية في العالم العربي , قناة الجزيرة , 4/6/2004م ,
http://www.aljazeera.net (تم الاطلاع ابريل 2008)




0 comment(s) to... “دارفور ..بين البداوة الجاهلة والحضارة السارقة _الحلقة 11 _”

0 التعليقات:

إرسال تعليق