وعند الحديث عن الحركات الإصلاحية ودورها النهضوي لابد وأن نتطرق إلى دور الحركة السنوسية في مواجهة ترديات الأمة ومجابهة المستعمر حين استشعر مؤسسها محمد بن علي السنوسي (1787_1859م) بعد احتلال الجزائر من قبل الاستعمار الفرنسي " عظم المخاطر وشدة التحديات فاستلهم فكر المرابطة والتربص والإعداد والاستعداد للجهاد ليس بالفورة المتعجلة المتسمة بالبداوة ..وإنما بالصبر والمصابرة والجهاد والمقاومة ..ومن هنا كانت فكرة الزاوية ..فكانت نموذجاً للمجتمع الجديد الذي استهدفه والإنسان الجديد الذي أراده , ... فبلغت زوايا الشيخ التي أحصاها المؤرخون مائة وثمان وثماني زاوية خمس وعشرون منها في الجزيرة العربية وستون في أفريقيا, " ونحن إذا شئنا أن نستخدم لغة عصرية في وصف الزاوية ووظائفها قلنا إنها مؤسسة الحكومة ومزرعة الدولة ونموذج المجتمع الجديد الموعود ففيها المسجد والمنزل وبيوت الضيافة لعابري السيبل والفقراء الذين لا مأوى لهم ومخزن للمؤن واصطبل ومتجر وفرن وسوق تحيط المباني العامة المساكن الخاصة بالقبائل التي تقوم الزاوية في منطقتهم ..وللزاوية أرض زراعية خاصة بها وآبار جوفية وصهاريج لحفظ المياه وأرض الزاوية وحدائقها تزرع جماعيا إذ يأتي كل من يقطن في منطقتها يوم الخميس من كل أسبوع إلى المزرعة يعملون عملا بلا أجر أما محصول أرض الزاوية فانه ينفق على احتياجات فقرائها وضيوفها غذاء وكساء وتعليما وزواجا ... وكانت لمواقع الزوايا فلسفة تحكمها فكثير منها قد أقيم على مواقع منشات يونانية ورومانية قديمة وحكمت الاختيار لمواقعها أهداف اقتصادية وسياسية مثل طرق القوافل الهامة ونقاط الدفاع الحصينة والغايات المرجوة من نشر الإسلام في قلب القارة الإفريقية والبعد عن مواطن الصدام بقوات الاستعمار قبل التمكن والاستعداد ولقد حولت هذه الزوايا التي تناثرت في الصحراء وعلى مشارفها الأرض القاحلة إلى جنات مثمرة وكان السنوسي قدوة لطائفته في الانخراط بالعمل اليدوي زراعة وصناعة حرفية ....وكان يعلم تلاميذه أن العاكفين على الأوراد والأوراق والمسابح لن يتقدموا أهل الزراعة والحرف عند الله أبدا فكان يقول دوما : الأرض تبتهج من حولها بأنواع الأشجار ويكثر بها السكان لكثرة الثمار وتنتشر فيها العمارة وتتسع بها الادارة ."(1)
كان العمل الجماعي الذي أراده الشيخ السنوسي موزعاً بين الزراعة والصناعة والفروسية.. والمران على فنون الحرب والقتال فكانت الزوايا "تنهض بهذه المهمة في القرن التاسع عشر قرن المد الاستعماري الأوروبي لابتلاع القارة الإفريقية والسيطرة على اقطارها واستغلال أهلها ..فقد أصبحت سدا منيعا يفسد على الاستعمار مخططه الإفريقي الرهيب ..ومن هنا كانت السنوسية واحدة من حركات اليقظة العربية التي واجهت الاستعمار الأوروبي والتحديات التي فرضها الاعداء" (2)
ما أحوجنا اليوم إلى فقه هجر الدعوة الوهابية وزوايا الحركة السنوسية لتدرك الأمة قيمتها الحضارية ودورها الريادي أمام واقع التخلف والاستسلام الذي تعيشه.
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.
المصادر:
(1) عمارة , د.محمد ,العرب والتحدي ,دار قتيبة ,دمشق ,طبعة ثانية 1987,ص ص 153_156
(2) عمارة , د.محمد ,العرب والتحدي ,دار قتيبة ,دمشق ,طبعة ثانية 1987,ص ص 157
كان العمل الجماعي الذي أراده الشيخ السنوسي موزعاً بين الزراعة والصناعة والفروسية.. والمران على فنون الحرب والقتال فكانت الزوايا "تنهض بهذه المهمة في القرن التاسع عشر قرن المد الاستعماري الأوروبي لابتلاع القارة الإفريقية والسيطرة على اقطارها واستغلال أهلها ..فقد أصبحت سدا منيعا يفسد على الاستعمار مخططه الإفريقي الرهيب ..ومن هنا كانت السنوسية واحدة من حركات اليقظة العربية التي واجهت الاستعمار الأوروبي والتحديات التي فرضها الاعداء" (2)
ما أحوجنا اليوم إلى فقه هجر الدعوة الوهابية وزوايا الحركة السنوسية لتدرك الأمة قيمتها الحضارية ودورها الريادي أمام واقع التخلف والاستسلام الذي تعيشه.
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.
المصادر:
(1) عمارة , د.محمد ,العرب والتحدي ,دار قتيبة ,دمشق ,طبعة ثانية 1987,ص ص 153_156
(2) عمارة , د.محمد ,العرب والتحدي ,دار قتيبة ,دمشق ,طبعة ثانية 1987,ص ص 157
0 comment(s) to... “دارفور ..بين البداوة الجاهلة والحضارة السارقة _الحلقة 12 _”
0 التعليقات:
إرسال تعليق