أدرك المسلمون جوهر الإيمان وقيمة العمل الصالح وإن حاولت كما يقول الدكتور عماد الدين خليل شرائح عديدة من المسلمين فك" الارتباط بين الإيمان ومقتضياته العملية وراحوا يتعاملون معه برؤية إرجائية تكتفي بالحـد الأدنى ، وتعزل العـبادة – بمفهومها الشامل – عن فاعليتها في الأرض , فالعمل – في منظورهم الخاطئ – ليس داخلاً في مسمي الإيمان ، فما دام المرء مؤمنا بالله ورسوله واليوم الآخر . فهذا يكفي ، وهو كفيل بإدخال صاحبه الجنة وإن لم يمارس عملا مما تقتضيه مطالب هذا الدين"(1) ، هذه الرؤيا الإرجائية التي تجذرت وللأسف الشديد في واقع العالم العربي المسلم حتى أفقدت مؤسسات الدولة المستقلة دورها التنموي في أمر لحاقها بالأمم المتقدمة فأصبح التخلف عنوانا كبيراً لنا وسمة لا تنفك عن صورة العربي المسلم في أعين الغرب التي يتندر تهكما على مؤشرات تقارير التنمية التي تصدر بين الحين والآخر تفصح عن خيبته وكسله ,فيذكر أستاذ الاقتصاد د. نوزاد عبد الرحمن الهيتي واقع مجموعة التحديات التي تواجه التمنية الوطن العربي في ظل التغيرات والتحولات الدولية المعاصرة (2) فيشير إلى تصاعد معدلات البطالة يبلغ 20% ، أي نحو (19) مليون عاطل عن العمل من أصل (180) مليون عاطل عن العمل في العالم ، وان الفجوة المعرفية التي تفصل الوطن العربي عن العالم المتقدم صناعيا هي كبيرة ، فلا تزال معدلات الأمية بين البالغين في الوطن العربي هي الأعلى بين الأقاليم في العالم ، حيث بلغت 38.8% في عام 2000 مقارنة مع 26.3% في الدول النامية ،و1.1% في الدول المتقدمة .(20) وان نسبة الإنفاق على البحث والتطوير من الناتج المحلي الإجمالي متدنية حيث بلغت 0.15% مقارنة مع 2.8% في اليابان ،و3.6% في السويد ، 2.8% في كوريا الجنوبية ، و2.4% في إسرائيل . وإن هدر الموارد العربية ومحدودية استغلالها بلغ سوء أمره فالمياه من أكثر الموارد الطبيعية محدودية في الوطن العربي ، حيث تقع معظم أراضيه في المناطق الجافة ، حيث لا تسقط الأمطار فيها إلا في القليل النادر . لذا يعتبر الوطن العربي من أكثر مناطق العالم فقرا في الموارد المائية إذ لا يتخطى المعدل السنوي لنصيب الفرد من المياه (1000) متر مكعب مقارنة ب(7700) متر مكعب على المستوى العالمي ، ومن المتوقع أن يتناقص هذا المعدل إلى (500) متر مكعب في معظم الدول العربية بحلول عام 2025 علاوة على ذلك ، فإن حوالي نصف الموارد المائية العربية تنبع من خارج الوطن العربي ، كما أن هذه الموارد غير مستغلة برمتها ، بل يتم استغلال نحو 68% منها فقط .أما بالنسبة لمصادر الأراضي ، فإن الوطن العربي يعاني من ندرة الأراضي أيضا ، حيث أن 54.8% من مساحته تعد أراضا خالية ، وتمثل المراعي 26.8% ، والأراضي القابلة للزراعة 14.5% والغابات حوالي 3.9% ، وتمثل الأراضي المزروعة حوالي 29% من مساحة الأراضي القابلة للزراعة أو حوالي 4.2% من إجمالي المساحة الكلية للوطن العربي ... وقد شكلت هذه الحقائق ضغوطا على التنمية الزراعية العربية ، وبالتالي أصبح الوطن العربي عاجزا عن تلبية متطلباته الغذائية ، حيث بلغت قيمة الفجوة الغذائية العربية مع نهاية عام 2001 حوالي14.7مليار دولار ، بالرغم من مرور أكثر من أربعة عقود على جهود التنمية الزراعية العربية . فانعكس ذلك سلبا على اقتصاديات الدول خاصة الزراعية منها حيث مثل عام 1980 الناتج المحلي الإجمالي العربي 4% من الناتج العالمي، وانخفضت النسبة إلى 2.7% في عام 2003 ، وكذلك الحال بالنسبة للصادرات العربية، فقد شهدت هي الأخرى هبوطا ملحوظا من 12.4% في عام 1980 إلى 4.1% في عام 2003 . ويشير هذا الانخفاض في المؤشرات إلى هشاشة الهياكل الاقتصادية ، وضعف الإنتاجية ، وتراجع في الأداء الاقتصادي .
ومما يزيد الأمر سوءا ، أنه مع التدهور الحاصل في البيئة الاقتصادية والاجتماعية العربية ، تتصاعد الدعوة والضغوط إلى المزيد من الانخراط في الاقتصاد العالمي ، وتطبيق وصفات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمتمثلة ببرامج الإصلاح والتكييف الهيكلي والتي لم تستطع أن تخفف من مشكلة المديونية العربية الخارجية والتي فاقت 147 مليار دولار في عام 2003 بعد أن كانت أقل من خمسين مليار دولار مع مطلع عقد الثمانينات من القرن الماضي.
الأمر الذي سيعرض أمر استقلال الدول العربية إلى نهج الاستغلال الغربي عبر الشراكة الوهمية والاحتكار البشع لها وفق ما يطرح من مفهوم "العولمة " بتعريفها الأمريكي :" الهيمنة الاقتصادية العسكرية على الأرض" "ونزع ملكية الوطن والأمة والدولة ونقلها إلى الخواص من كبار التجار والبيوتات المالية والشركات العملاقة في الداخل والخارج" .(3)
المصادر :
(1 ) خليل ,عماد الدين , مدخل إلى الحضارة الإسلامية ,الدار العربية للعلوم , سبتمبر 2005,ص 178
(2) الهيتي, د. نوزاد عبد الرحمن , مستقبل التنمية في الوطن العربي في ظل التغييرات العالمية المعاصرة,مجلة علوم إنسانية,العدد31/2006.
(3) خليل ,عماد الدين , مدخل إلى الحضارة الإسلامية ,الدار العربية للعلوم , سبتمبر 2005,ص 199
ومما يزيد الأمر سوءا ، أنه مع التدهور الحاصل في البيئة الاقتصادية والاجتماعية العربية ، تتصاعد الدعوة والضغوط إلى المزيد من الانخراط في الاقتصاد العالمي ، وتطبيق وصفات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمتمثلة ببرامج الإصلاح والتكييف الهيكلي والتي لم تستطع أن تخفف من مشكلة المديونية العربية الخارجية والتي فاقت 147 مليار دولار في عام 2003 بعد أن كانت أقل من خمسين مليار دولار مع مطلع عقد الثمانينات من القرن الماضي.
الأمر الذي سيعرض أمر استقلال الدول العربية إلى نهج الاستغلال الغربي عبر الشراكة الوهمية والاحتكار البشع لها وفق ما يطرح من مفهوم "العولمة " بتعريفها الأمريكي :" الهيمنة الاقتصادية العسكرية على الأرض" "ونزع ملكية الوطن والأمة والدولة ونقلها إلى الخواص من كبار التجار والبيوتات المالية والشركات العملاقة في الداخل والخارج" .(3)
المصادر :
(1 ) خليل ,عماد الدين , مدخل إلى الحضارة الإسلامية ,الدار العربية للعلوم , سبتمبر 2005,ص 178
(2) الهيتي, د. نوزاد عبد الرحمن , مستقبل التنمية في الوطن العربي في ظل التغييرات العالمية المعاصرة,مجلة علوم إنسانية,العدد31/2006.
(3) خليل ,عماد الدين , مدخل إلى الحضارة الإسلامية ,الدار العربية للعلوم , سبتمبر 2005,ص 199
0 comment(s) to... “دارفور ..بين البداوة الجاهلة والحضارة السارقة _الحلقة 7 _”
0 التعليقات:
إرسال تعليق