مساجدنا الجميلة_ الحلقة 4_

Posted 2:45 ص by ali-aljassim in





لعمارة المساجد قواعد ثابتة كما بينها أهل الفقه (4) :
القاعدة الأولى: أن يتم بناء المساجد وإعلاؤها ,كما قال القرطبي (رحمه الله) في تفسير قول الله تعالى:"
فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ" (النور: 36):"(تُرفع) قيل: معناه: تُبنى وتُعلى ـ قاله مجاهد وعكرمة ـ ومنه قوله تعالى:" وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَٰهِيمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ وَإِسْمَٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ" ( سورة البقرة : 127) ، وقال (صلى الله عليه وسلم):" من بنى لله مسجدا بنى الله له مثله في الجنة "( متفق عليه)
القاعدة الثانية: تعظيم المساجد وتطهيرها وصونها عن النجاسات ,كما قال الله عزّ وجل:"
وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَٱلْعَاكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ " (البقرة:125) ، وقد أشار ابن كثير رحمه الله إلى العلاقة بين عمارة المساجد وتطهيرها بقوله:" تطهير المساجد مأخوذٌ من هذه الآية الكريمة ومن قوله تعالى:"في بيوتٍ أذن الله أن تُرفع... ".
القاعدة الثالثة: إخلاص النية لله ,كما قال الله عز وجل :"
وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ" ( التوبة : 107 _108). قال الشيخ السعدي صاحب كتاب "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنّان": " أنّ اتخاذ المسجد الذي يُقصَد به الضرار لمسجدٍ آخر لقربه محرَّمٌ، وأنه يجب هدم مسجد الضرار الذي اطلِع على مقصود أصحابه، ".
القاعدة الرابعة: نشر العقيدة السليمة وتصحيح ما يعتريها من الخلل وذلك لأنّ العقيدة الصحيحة أساسُ هذا الدّين؛ فإذا فسدت العقيدة ضاع العمل كلّه، كما قال تعالى:"
أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَٱنْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ ". )التوبة : 109 ( ورحم الله صاحب الظلال سيد قطب فقد أدرك هذا المعنى، وعبّر عنه بأحسن عبارةٍ في قوله:"إنّ العبادة تعبيرٌ عن العقيدة؛ فإذا لم تصحّ العقيدة لم تصحّ العبادة. وأداء الشعائر وعمارة المساجد ليست بشيء ما لم تعمر القلوب بالاعتقاد الإيماني الصحيح، والعمل الواقع الصريح، وبالتجرّد لله في العلم والعبادة على السواء؛ " إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلاَةَ وَآتَىٰ ٱلزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ ٱللَّهَ فَعَسَىٰ أُوْلَـٰئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ"
( التوبة:18)
القاعدة الخامسة: التربية على الزهد في الدنيا والتعلّق بالمساجد ,وقد نصّ المفسِّرون على هذا المعنى، كما ذكر القرطبي (رحمه الله) أنّ قوله تعالى: "
رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَـاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلأَبْصَارُ " ( النور 36-37), ثناءٌ على من لم تشغلهم التجارة والبيع عن الصلاة، وقال:"خصّ التجارةَ بالذكر؛ لأنها أعظم ما يشتغل به الإنسان عن الصلاة".
القاعدة السادسة: نشر العلم النافع والعمل الصالح، والجهاد في سبيل الله ,
حيث كان المسجد مكانا يلتقي فيه المؤمنون بالرسول (صلى الله عليه وسلم) في الصلوات الخمس التي تعتبر راحة لهم وطاعة لربهم ،ثم أصبح للمسجد دوراً كبيراً بتطور كيان الدولة الاسلامية , فقد كان يتم فيه استقبال الوفود التي تأتي لدخول الإسلام وعقد المعاهدات وجمع الأموال اللازمة للصدقات وتمويل الجيوش ويذكر الدكتور سالم سعيد الشامي في كتابه " المساجد ودورها التربوي والاجتماعي " أن الرسول اتخذ المسجد مكانا لعلاج المرضى وإسعاف الجرحى والمصابين في الغزوات واستعمله أيضاً لأغراض أخرى كعقد الزواج والصلح بين المتخاصمين وإقامة الحد والتعبير عن الفرح في الأعياد والمناسبات" , هو باختصار ... دار عبادة وديوان حكم وتصريف أمور المسلمين.


مصادر ومراجع المقالة :
(4) القواعد في عمارة المساجد _
د. محمد عمر دولة


0 comment(s) to... “مساجدنا الجميلة_ الحلقة 4_”

0 التعليقات:

إرسال تعليق