تذكر المصادر انه أضيفت فيما بعد عنصران مستجدان على عمارة المسجد هما المئذنة والميضأة ...فالمئذنة لم تكن جزءاً رئيسا في المسجد وأقدم ما ذكر عن بناء المآذن في الأمصار ما ورد على البلاذري من أن زياد بن أبيه ( عامل معاوية بالعراق ) بنى منارة من الحجر لجامع البصرة سنة 45 هـ - 672 م عندما أعاد بناء الجامع الأول بالأحجار ، ... أما الميضأة فلم تكن أيضاً جزءاً أساسيا من المسجد فقد كان المسلمون أيام الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون يذهبون إلى المسجد متوضئين ، وإنما أضيف أمر الميضأة فيما بعد .
وتشير الدراسات إلى المؤثرات المناخية على عمارة المساجد ، حيث إنها أثرت في تصميم عناصر المسجد الأساسية التي يأتي في مقدمتها (كما ورد) الصحن ورواق القبلة ... فالصحن المكشوف أو الفناء الأوسط إذ أنه مصدر الضوء والهواء لمظلات المسجد المحيطة وبخاصة رواق القبلة التي يندر أن تكون فيه فتحات للنوافذ لهذا روعي أن تكون ساحة الصحن فسيحة ومكشوفة وكان تحديد شكل الصحن ومساحته يتركان للظروف الخاصة بكل إقليم ، فنجد أن الصحون المكشوفة تقل مساحتها كلما اتجهت شمالاً أو جنوباً في بلاد العالم الإسلامي .
ويذكر الدكتور يحيى الوزيري أستاذ العمارة في جامعة القاهرة حول مفهوم الوحدة والتنوع في عمارة المساجد : " أن تصميم المساجد في صورتها العامة لم يتغير منذ عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) وحتى الآن وهو ما يمكن الإشارة إليه بمصطلح " الوحدة في التصميم " ", وهذا ما أكد عليه المفكر الفرنسي روجيه جارودي في قوله : " أنا شخصياً حيثما أرى روائع الفن الإسلامي أشعر أن رجلاً واحد قد قام ببنائها مدفوعا بإيمان بإله واحد ... من الجامع الكبير في قرطبة إلى فسيفساء المساجد في تلمسان ومن جامع ابن طولون في القاهرة إلى مساجد اسطنبول الفخمة " .
إلا أن تنوع البيئات المتعددة والثقافات المختلفة التي دخلت في دين الله أفواجا قد أكسبت عمارة المساجد تنوعاً في التصميم في إطار وحدة عناصر المسجد الأساسية والمتغيرة . فقد تنوعت طرز المساجد ما بين طولونية أو فاطمية أو مغربية أو سلجوقية ( في إيران وتركستان والعراق ) أو مملوكية (في مصر والشام) أو هندية مغولية (في الهند وأفغانستان ) أو صفوية ( في إيران وخراسان ) أو تركية عثمانية ( في آسيا الصغرى والبلقان وشرق أوروبا ومصر والحجاز والشام ) .
0 comment(s) to... “مساجدنا الجميلة_ الحلقة 6_”
0 التعليقات:
إرسال تعليق