رحلة إلى المثلث الذهبي _حلقة 4_

Posted 5:08 ص by ali-aljassim in












توقفت السيارة ولم أرى تاج محل ,تساءلت عن السبب قال قررت الدولة منذ مدة أن تتوقف السيارات بعيدة عن المكان حتى لا يتأثر بنيان تاج محل الجميل بتلوث عوادم السيارات فنزلنا وركبنا الباص الكهربائي وركب معنا جمع من السواح , وصلنا بعد كيلومترين إلى ساحة منطقة التاج الذي شيد خارج مدينة (أغرا) عاصمة حكم المغول, دخلنا بوابته الحمراء التي زخرفت ونقشت بآيات القرآن الكريم, شكلت القباب الصغيرة على عدد سنوات بناء الضريح العشرين , دخلت وإذا بمنظره الجميل أمامي والناس من حولي تتزاحم لالتقاط الصور له, مهيب في شكله تحيط به حديقة واسعة تجلب إليها المياه من النهر القريب تغذي نوافيره بركة ماء طويلة تعكس صورتة ، اخذ المرافق يسرد لي قصته كيف التقى غياث الدين خُرّم بن جهانكير، الملقب شاه جهان (أي ملك الدنيا) ذو السادسة عشر بجهان أرجونمد بانو باكام (ابنة أخ زوجة أبيه) ، ذات الخامسة عشرة، يقال أنها كانت نادرة الحسن والجمال وقد تزوجا بعد ذلك بأربع سنوات، وقد كان مسموحا لجهان أن يقتني عدة زوجات، لكن (ممتاز) وهوالاسم التي خلدها بعد أن أصبحت زوجة الملك شاه جهان أي ملك الدنيا أحد حكام الهند في القرن الحادي عشر الهجري كانت أثيرته ومعشوقته ورفيقة دربه لا تتركه ولا يتركها في كل في المسرات أو المضرات , كانت كما كتب الدافع القوي لقيامه بالكثير من أعمال الخير والبر وخاصة مع الضعفاء والفقراء والمحتاجين . أنجبت له أربعة عشر ولداً ..وماتت على فراش الولادة في العام 1630 وقبل موتها طلبت من زوجها أربعة أشياء تعكس مدى الحب وعمق الشعور التي كانت تكنه له، وهي:ـ أن يبني تاج محل.ـ أن يتزوج بعدها.ـ أن يحسن معاملة أبنائه.ـ أن يقوم بزيارة الضريح في الذكرى السنوية لوفاتها.ولكن وللأسف لم يستطع الوفاء إلا بالوعدين الأول والثاني ,فقد خلعه ابنه "أورانج زيب" بعد ان اهلكه حب ممتاز الذي قرر ان يبني ضريحه الأسود على الجانب الآخر من تاج محل يربط بينهما جسر مهيب على نهر يامونا وبالفعل بدأ المهندسون كما تذكر الأخبار في بناء ضريح (شاه جيهان) مما أثار استياء الشعب والجيش معاً اللذين رأوا في البناء هدرا للأموال فقام بعض قادة الجيش بتنصيب ابنه "أورانج زيب" إمبراطوراً وعزل والده الإمبراطور شاه جيهان الذي أتعبه الدهر والمرض، فوضع رهن الإقامة الجبرية في قصر (أغرا) وظــــل محبوساً في قسم منه، ومنع عنه الاتصــــال بأحد إلا ابنتيه (جيهان آرا وروشان آرا) اللتين كانتا تؤنسان وحشته، لكن قلبه الوحيد لا يؤنسه إلا أن ينظر عبر مرآة وضعها له أحد المهندسين في أحد الأعمدة لتعكس صورة ضريح محبوبته الذي يبعد عدة أميال عن سجنه ,توفي كمدا ونقل بأمر الابن اورانج زيب إلى جوار أمه ممتاز ليدفن بالقرب منها في قبو يحتضن قبريهما جنبا إلى جنب خلاف القبرين اللذان يشاهدهما الزائرون في الطابق الذي يلي القبو فوقهما.
تاج محل يطلق عليه المؤرخين في عهد الشاه اسم (روزا) ممتاز محل ، أي ضريح ممتاز محل ، لكن بعدها شاع اسم تاج محل وترجم على هذا المعنى, عمل عشرون ألف عامل في بنائه الذين جلبوا بأيديهم أحجار المرمر الأبيض التي استعملت في بنائه من منطقة (راجستان) البعيدة ,وقيل ان مهندسه تركي يقال له عيسى أفندي وقيل انه غير معروف انتهى بناؤه عام 1653م، وبداخله مسجد وقصر للضيافة وأربع منارات، ثلاث منها قريبة بنيت مائلة عكس الاتجاه لئلا تقع على البناء في حالة حدوث زلزال، أما المنارة الرابعة فبنيت بزاوية قائمة بعيدة قليلاً، وصفه نهرو الزعيم الهندي يوما: "هو ليس قبراً ... بل أغنية من المرمر"


0 comment(s) to... “رحلة إلى المثلث الذهبي _حلقة 4_”

0 التعليقات:

إرسال تعليق