الحـــــــــرور

Posted 2:36 ص by ali-aljassim in





بيّن الحق تبارك وتعالى الظل كنقيض للحرور بقوله : " ولا الظل ولا الحرور " . { فاطر: 21 } ويذكر الطبري في تفسير الآية : "الحرور لا يكون إلا مع الشمس في النهار" . (1) ويرى الطبرسي : "إن الحرور الريح الحارة بالليل وقد تكون بالنهار" (2) ..، وقال رؤبة بن الحجاج : الحرور يكون في النهار خاصة والسموم تكون بالليل خاصة ، وقيل إن الحرور فعول من الحر وفيه معنى التكثير أي الحر المؤذي ، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قالت النار رب أكل بعضي بعضاً فأذن لي أتنفس فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فما وجدتم من برد أو زمهرير فمن نفس جهنم وما وجدتم من حر أو حرور فمن نفس جهنم " (3) وقيل المراد بالظل والحرور الجنة والنار فالجنة ذات ظل دائم ( لا شمس فيها ) ، كما قال تعالى : " أكلها دائم وظلها " [ الرعد 35 ] والنار ذات حرور ، وقال ابن عباس أي ظل الليل وحر السموم بالنهار ...؟!! ويقول الرازي " المؤمن بإيمانه في ظل وراحة والكافر بكفره في حر وتعب". (4)
لقد بين الحق في آياته أن الظل عنوان الرحمة وان الريح الحارة سموم مهلكة للحرث والنسل والسماء والأرض لايقوى الإنسان مهما أوتي من جبروت علم أو سلطان جهل أن ينعم بالحر فهو نفس جهنم والعياذ بالله .
واليوم أصبح حرور الدنيا أمرا واقعا وواقعه يزداد سوءا يوما بعد يوم وهو ما اكتسبت أيدي الناس حين عبث العلم القاصر بمقدرات الأرض وسماءها الجميلة في تطلع نحو ملك الدنيا الزائل وزخرفها العابث بخلق الله فأصبح الأمر وبال إلى ما انتهى إليه من ظواهر خرجت عن نطاق السيطرة حملت في أمرها الجلل نذير شؤم قادم ؟؟ فظاهرة بالاحتباس الحراري صور من صور الحرور الذي اختصر تعريفها العلمي : في ارتفاع درجة الحرارة في بيئة ما نتيجة تغيير في سيلان الطاقة الحرارية من البيئة و إليها.... وقد عزتهيئة مستشاري تغيرات المناخ (IPCC) التابعة للأمم المتحدة في اجتماع حضره عام 2001 بشنغهاي الصينية عام 2001 أكثر من 150 عالمًا و80 عضوًا لجماعات البيئة من 99 دولة تقريرًا أكدوا فيه" أن المتسبب الرئيسي في زيادة درجة الحرارة على سطح الكوكب هو التلوث الهوائي- الناتج عن الأنشطة الإنسانية المختلفة المرتبطة بواقع التطور الصناعي منذ عصور النهضة, سببت في ارتفاع معدلات انبعاث غازات الصوبة الخضراء Greenhouse gases وعلى رأسها ثاني أكسيد الكربون المتهم الأول الذي أصبح شبحا تلاحق لعنته مستقبل الأرض. وهذا ما جناه الإنسان عندما أفرط في إحراق النفط والفحم والخشب والقش ومخلفات المحاصيل الزراعية فزاد معدل الكربون بالجو. كما أن لاجتثاث أشجار الغابات وانتشار التصحر قلل الخضرة النباتية التي تمتص غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو. مما جعل تركيزه يزيد به .(5)
..... وفي تقرير آخر نشرته وكالة حماية البيئة إن ظاهرة الاحتباس الحراري في مستواها الحالي قد يعني كارثة محققة؛ حيث يحتمل زيادة درجة الحرارة 10.5 درجات عن معدلها الحالي مع نهاية هذا القرن، مما يعني النقص الشديد في موارد المياه العذبة نتيجة لتبخرها وارتفاع مستوى المياه في البحار والمحيطات -نتيجة لذوبان الثلج في الأقطاب المتجمدة - بمعدل قد يصل إلى عشرة أقدام؛ مما سيؤدي إلى غرق معظم الدول الساحلية......؟؟. و تعتبر الولايات المتحدة هي أكبر منتج لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الإنسان والتي يقول العلماء إنها السبب الرئيسي للغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري. وتنبعث الغازات من مصانع الطاقة والسيارات وصناعات أخرى.
ولقد شهد العالم في العقد الأخير من القرن الماضي أكبر موجة حرارية شهدتها الأرض منذ قرن حيث زادت درجة حرارتها 6درجات مئوية. وهذا معناه أن ثمة تغيرا كبيرا في مناخها لا يحمد عقباه. فلقد ظهرت الفيضانات والجفاف والتصحر والمجاعات وحرائق الغابات. وهذا ماجعل علماء وزعماء العالم ينزعجون ويعقدون المؤتمرات للحد من هذه الظاهرة الإحترارية التي باتت تؤرق الضمير العالمي. وهذا معناه أن الأرض ستكتسحها الفياضانات والكوارث البيئية والأوبئة والأمراض المعدية.
ويتوقع التقرير أن يرتفع مستوى سطح البحر 48 سم مما يمكن أن يهدد المباني والطرق وخطوط الكهرباء وغيرها من البنية الأساسية في المناطق ذات الحساسية المناخية. وإن ارتفاع مستوى البحر بالمعدلات الواردة في التقرير يمكن أن يغمر حي مانهاتن في نيويورك بالماء حتى شارع وول ستريت. ولعل هذا ما أشار إليه الفيلم السينمائي الكبير The Day After Tomorrow الذي يدور حول تعرض الأرض لارتفاع مفاجئ في درجة الحرارة يقود إلى عصر جليدي جديد يجمّد المدن.
فالفيلم يصور رئيسا أمريكيا ينظر إلى مسألة الاحتباس الحراري على أنها مبعث قلق مفتعل لقليلين من دعاة حماية البيئة الهامشيين يستندون إلى معلومات مشوشة للضغط عليه، وينتهي الأمر بوقوع الكارثة التي حذر منها حماة البيئة
فيتضمن الفيلم مشاهد لأعاصير تضرب لوس أنجلوس، والعواصف الثلجية التي تجتاح نيو دلهي، والفيضانات التي تغمر طوكيو، أما في نيويورك فدرجة الحرارة تتأرجح بين الحرارة والبرودة في يوم واحد، وهي صور من الأحوال الجوية المتضاربة تجتمع كلها في الفيلم لتلفت الانتباه إلى الخطر الكوني القادم إلينا.

و تذكر المصادر (6)ان الفيلم الأمريكي "ما بعد الغد" يعتبر بدوره هجوما أكثر ضراوة على جورج بوش الابن حيث أجهضت أمريكا في عهد الرئيس الحالي بوش (اتفاق كيوتو)** ، وانهارت مفاوضات تطبيق الاتفاق عمليا بسبب الصلف الأمريكي الذي أدانه البرلمان الأوربي وكافة دول العالم.


المراجع والمصادر:
(1) تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ)
(2) تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ)
(3) صحيح مسلم
(4) تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ)
(5) أسامة ,بثينة ,ظاهرة الاحتباس الحراري بين الحقيقة والوهم , 3/10/2001
(6) جمال عرفة, محمد ,السينما الأمريكية أشد خطرا على بوش , موقع إسلام أون لاين.نت23/05/2004 ,
**اتفاق كيوتو : تم التوقيع عليه من قبل 195 دولة في عام
1997 يمثل بروتوكول للخطوة التنفيذية الأولى للحد من الآثار السلبية للتغيير المناخي وفقا لاتفاقية الأمم المتحده المبرمة عام 1992. وفي تراجع عن موقفه أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش بتاريخ 31/5/2007 م إستراتيجية طويلة المدى للتعامل مع التغير المناخي، تتضمن خططا لجمع الدول التي تطلق أكبر كمية من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المسببة للاحتباس الحراري، والمطالبة بخفض التعريفة الجمركية أمام تكنولوجيا الطاقة النظيفة بيئياً. (المصدر قناة الجزيرة )



0 comment(s) to... “الحـــــــــرور”

0 التعليقات:

إرسال تعليق